15 February 2023
تتعرض الفتيات والنساء ذوات الإعاقة لخطر أكبر بكثير من غيرهن بأن يصبحن ضحايا للعنف أو الإهمال أو الاستغلال، ويزداد الوضع سوءً جرّاء الحصار والاغلاق غير القانونيين الذين تفرضهما اسرائيل على قطاع غزة منذ 15 عاماً والذين يقيّدان وُفرة الخدمات الأساسية وسُبل الحصول عليها مثل التعليم والرعاية الصحية وفرص التوظيف للأشخاص ذوي الاعاقة ولهذا السبب من المهم أن تدرك النساء والفتيات ذوات الإعاقة حقوقهنّ وأن يتمكنّ من الحصول عليها.
تتمخض عن هذا السياق أهمية خاصّة لتعزيز وعي الفتيات والنساء ذوات الإعاقة بحقوقهن وقدرتهن على ممارستها، وهو ما دفع جمعية الثقافة والفكر الحر—شريكة ماب في قطاع غزة—لاستقطاب مجموعة منهن من ذوات الإعاقة الذهنية لاكتساب مهارات حياتية واجتماعية عبر المشاركة في مركز صحة المرأة.
تدير الجمعية مركزها في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين في المنطقة الوسطى في غزة، حيث تقدم عبره خدمات العلاج السلوكي والوظيفي والإرشاد النفسي بالإضافة إلى توفير الأدوية في بعض الحالات، كما يوفّر المركز خدماته للمستفيدين كلٌ حسب خطة مخصصة لهم.
لمى*—22 عاماً—هي إحدى المستفيدات من خدمات المركز حيث تواجه صعوبات تعلم تؤثر على أداءها الذهني (اللغوي والكتابي والحسابي) والاجتماعي (المتعلق بالتعاطف والتواصل وبناء العلاقات) والوظيفي (المنطوي على الرعاية الذاتية والتنظيم). تسكن لمى مع والديها واخواتها الستة في مخيم البريج للاجئين حيث تصفها أسرتها وطاقم المركز بأنها قلقة في غالب الأحيان وغير قادرة على الانخراط اجتماعياً أو التعبير عن حاجاتها؛ حيث تقوم إثر ذلك بتمزيق ثيابها في محاولة للتعبير عن قلقها أو بالتصرف بشكل عدائي حين تفشل أسرتها في فهمها، كما اعتمدت لمى بشكل كبير على أمها في القيام بشتّى الأنشطة الحياتية اليومية مثل الاستحمام وارتداء الثياب وتمييز اتجاه اليمين من اليسار.
في سياق استفادتها من خدمات المركز، التحقت لمى بمجموعة دعم نفسي والتقت هناك بنساء ذوات إعاقات ذهنية مختلفة وتبادلت معهن تجاربها واستغلّت البيئة الآمنة التي وفّرها ذاك التبادل للتعبير عن نفسها براحة ودون خوف أو خجل، وشعرت بمزيد من الثقة بنفسها، وأصبحت أكثر بشاشةً عند كل جلسة التحقت بها.
وفي مرحلة العلاج الوظيفي، شاركت لمى في أنشطة المركز التي عززت من قدرتها على استغلال عضلات يديها بما سمح لها بالاعتماد على نفسها بشكل أكبر، كما مارست خلال أنشطة العلاج الطبيعي استعمال فراشة الأسنان ومشط الشعر والاستحمام دون الاعتماد على أحد، وتدرّبت على تقطيع الخضراوات وأصبح بامكانها الآن مساعدة أسرتها في المطبخ.
تقول مختصُّة التدريب في مركز صحة المرأة أن لمى لم تكن قادرة على تمييز الحروف والأرقام ولكنّها الآن تستطيع العدَّ وقراءة الكلمات البسيطة، وأصبحت قادرة على التعبير عن نفسها عبر الكلمات وهو ما حدّ من سلوكها السلبي سابقاً. كما وأصبحت قادرة على ارتداء ثيابها لوحدها، ولم تعد خائفة من مغادرة البيت بمفردها، ويمكنها إتمام الكثير من مهام الحياة اليومية بشكل مستقل، بالإضافة إلى تعلمها التطريز وقضاءها الآن الكثير من الوقت في حياكة أقمشة صغيرة.
في حديثها مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) قالت والدة لمى: "تدرك لمى الآن أنها قادرة على القيام ببعض الوظائف بشكل مستقل إذا أرادت ذلك"، وأضافت أن ثقة لمى بنفسها قد زادت.
بدأت للتو لمى رحلتها لتحقيق استقلالية أكبر في حياتها، وسيستمر مركز صحة المرأة بتقديم الدعم لها خلال هذه الرحلة من أجل تعزيز حقها في حياة كريمة.
نرجو دعمكم لحقوق وكرامة الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين ولبنان عبر تبرعكم الكريم لماب وشركائها هنا.
*تم تغيير الأسماء لحماية الخصوصية.