2 March 2023
يقع وادي البقاع على ارتفاع 1000م عن سطح البحر في شرق لبنان ويُعد منطقة شديدة البرودة خلال الشتاء حيث تنخفض درجة الحرارة فيه إلى ما دون الصفر ويغطيه الثلج لعدة أشهر. يسكن عدد من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في الوادي حيث يُضاعف مناخه مع ظروف عوزهم من صعوبات حياتهم اليومية في توفير أبسط احتياجاتهم—في سياقٍ يعاني فيه 93% منهم من الفقر.
وازدادت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في البقاع سوءً—سواءً في مخيمات اللاجئين أو التجمعات غير الرسمية—منذ بداية الأزمة الاقتصادية المستمرة حيث فقدت العملة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها ويواجه السكّان معدلات مرتفعة من التضخم والبطالة وانعدام الأمن الغذائي.
ضمن استجابتها لاحتياجات الفلسطينيين الناجمة عن هذه الأوضاع عملت جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) وبدعم من مؤسسة بيني أبيل وبالشراكة مع جمعية النجدة على تقديم مساعدات شتوية للأسر الأكثر عرضة للمخاطر حيث قامت حتى الآن بمنح 665 أسرة مؤناً شتوية تحتوي على سلة غذائية صحية وبطّانيتين مناسبتين للشتاء.
كانت أسرة أحمد*، 59 عاماً، من بين الأسر المستفيدة من هذه المؤن والمعتمدة على دعم ماب في ظروف الشتاء القاسية وفي ظل تواجدها كأسرة—من زوج وزوجة وأطفالهم الأربعة—في إحدى التجمعات غير الرسمية للاجئين الفلسطينيين في البقاع.
يعاني أحمد من مرض السكري منذ 23 سنة، وقد كان يعمل ككهربائي ماهر ومعروف وطيّب السمعة في مجتمعه حيث استطاع عبر عمله حينها توفير حياة كريمة نسبياً لأسرته، ولكن منذ عشر سنوات أخذت مضاعفات المرض بالازدياد وأفقدته الرؤية بإحدى عينيه وأثرت على الرؤية بالأخرى.
كما عاني أحمد من نوبات نزيف غير منتظمة نتيجة تعرضه لبعض الاصابات الطفيفة والتي منعته من القدرة على مواصلة عمله وتسببت بالاحباط له: "عملي ككهربائي يتطلب قدرتي الكاملة على الرؤية وتمتعي بصحّة مناسبة ولكن وضعي جعل مواصلة العمل أمراً خطيراً. كان أطفالي صغاراً وكانوا لازالوا بحاجة لوجودي معهم." تزامن اضطرار أحمد للتوقف عن العمل مع التحاق أطفاله بالمدرسة وهو ما حرم الأسرة من مصدر دخل كافٍ لهم.
في عام 2018م وإثر معاناته من مضاعفات في الكلى بدأ أحمد بغسيل الكلى بواقع جلستين أسبوعياً على الأقل، وبالرغم من أن الأونروا وجمعية أخرى يساهمان في تغطية تكاليف هذه الجلسات والأدوية الخاصة بمرض السكري لديه إلا أنه يُضطر لدفع تكاليف الحقن التي يحتاجها كل أسبوعين والتي تبلغ ثلاثة ملايين ليرة لبنانية (حوالي 165 جنيه استرليني).
ويصف أحمد هذا العبئ بقوله: "أحتاج هذه الحقن باستمرار ولكنني لا أستطيع تغطية تكلفتها. المعيل لأسرتي الآن هو ابني البكر ويتقاضى أجراً يبلغ مليون ليرة لبنانية في الشهر (55 جنيه استرليني) وهذا غير كافٍ حتى لتسديد أجار مسكننا. ذهب ابني الأصغر لبيروت للبحث عن عمل ولكنه لم يتمكن من ذلك حتى الآن—وهي مشكلة يواجهها باستمرار العديد من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والذين لا يحصلون على فرص عمل عادلة."
"قد أحصل أحياناً على المساعدة لدفع تكاليف الحقن، ولا يمكنني ذلك بدون المساعدة. هناك دواءٌ آخر يتوجب علي أخذه كل يوم لمنع المضاعفات ولكنّي آخذه يوماً بعد يوم لأنني لا أستطيع تدبير تكاليفه البالغة 350,000 ليرة لبنانية (19.25 جنيه استرليني)."
تواجه أسرة أحمد تحديات مزيدة خلال الشتاء حيث يضطرون لاستهلاك الديزل لتدفئة البيت—وهو الوقود الأكثر استعمالاً لذلك الغرض في البقاع؛ إلا أن سعره أخذ بالارتفاع مع الأزمة الاقتصادية في لبنان: "لقد أصبحت تكلفة الوقود والكهرباء مرتفعة جداً وبتنا نأخذ أقصى التدابير لتوفير أدنى حاجاتنا واضطررنا مراراً للاقتراض لتوفيرها. يصبح الطقس شديد البرودة في الليل ولذلك ننام مبكراً لتفادي الحاجة للتدفأة وبالتالي توفير الوقود، كما نجلس خارج البيت حين طلوع الشمس. نحن نفعل أقصى ما بوسعنا للتعامل مع هذه الظروف الشاقّة."
يأتي دعم ماب وجمعية النجدة لسدِّ حاجة ماسّة لدى أسرة أحمد وفي وقت مناسب، حيث يشاركنا أحمد بقوله: "أولينا التكاليف الأخرى أهمية أكبر من الوقود ومن الصعب علينا اليوم شراء أبسط الحاجات. سلّة الغذاء مهمة للغاية فيمكننا اليوم إعداد أطعمة مغذيّة طوال فصل الشتاء وهذا يقلل من مصادر قلقنا، يمكن لأسرتي بكاملها الآن تناول الطعام والاستمتاع. كما أن البطّانيات توفر لنا الدفئ خلال الليل."
أضافت مها*، زوجة أحمد، أنها سعيدة للغاية بالعناصر الغذائية التي تضمنتها السلّة حيث ستقوم اليوم بتحضير الطعام باستخدام الأرز والبقوليات والزيت النباتي.
يعبّر أحمد عن امتنانه لكل نعم الله عليه وعلى أسرته—بالرغم من ظروف حياتهم الصعبة، كما تقدّم بالشكر لماب وبيني أبيل على دعمهما القيّم له ولأسرته.
نرجو دعمكم لأسر الفلسطينيين الأخرى عبر تبرعكم الكريم لجمعيتنا.
*تم تغيير الأسماء لحماية الهوية.