15 March 2023
تسكن آية* البالغة من العمر ثلاث سنوات مع أسرتها في خانيونس جنوب غزة ، وتعافت مؤخراً من هزال شديد وهو حالة من سوء التغذية الحادّ الذي قد يزيد من العرضة للأمراض المعدية والعرضة للوفاة. قام فريق الفحص الصحي المجتمعي لجمعية أرض الإنسان—شريكة ماب في غزة—بتشخيص حالة آية ومن ثمَّ تحويلها لوحدة التغذية العلاجية من أجل متابعة حالتها.
يشكّل سوء التغذية تهديداً خطيراً لصحة وسلامة الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة عموماً وفي غزة خصوصاً في ظل استمرار الاحتلال العسكري والحصار الاسرائيلي وسياسات تقسيمه الممنهجة، والذي أدى بمجموعه لركود اقتصادي ووصول محدود للموارد بالنسبة للفلسطينيين في غزة حيث يتفشى الفقر والبطالة ويعاني أكثر من ثلثي سكّانه من انعدام الأمن الغذائي، مما يعني نقص وصولهم بشكلٍ كافٍ إلى المغذيّات اللازمة لحياة صحية أو—في حالة الأطفال—للنمو الطبيعي.
وبالرغم من استمرار الإغلاق والحصار الاسرائيليين غير القانونيين لحوالي 16 عاماً إلا أن المواد الغذائية لازالت موجودة في أسواق القطاع ولكن دون أن يستطيع العديد من السكّان شراءها؛ ففي حالة آية لم تستطع والدتها العثور على فرصة عمل منذ تخرّجها من المدرسة وتتكل أسرتها على والدها كمعيلٍ وحيدٍ لها بالرغم من دخله الضئيل فهو يعمل موسمياً ليومين أو ثلاثة أيام في الشهر في حصاد الخضراوات ويجني حوالي 10 شواقل (2.76 دولار أمريكي) مقابل عمله في اليوم الواحد، وبذلك لا تستطيع أسرتها شراء الأطعمة الطازجة والصحية مثل الفواكه أو الخضراوات أو البيض.
تتشارك آية وثلاثة من إخوتها العيش في غرفة واحدة مسقوفة بصفائح معدنية رقيقة (زينقو) دون أن تستطيع أسرتهم توفير أساسيات العيش مثل مياه الشرب والكهرباء ويعتمدون في سدّ هذه الحاجات على استخدام بيت جدّهم الذي يسكن تحتهم.
تتلقّى أسرة آية سلّات غذائية كل ثلاثة أشهر من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أنوروا) ولكنّ تقليص المساعدات للوكالة—بما في ذلك من قِبَل المملكة المتحدة—أدى لتقليص خدماتها، والتي تشمل العون الغذائي، بما يعرض الأسر ذات الدخل المحدود لمخاطر سوء التغذية، وقد كانت آية من بين الأطفال الذين واجهوا هذه المخاطر إلا أنها تعافت بفضل دعم جمعية أرض الإنسان—شريكة جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) في غزة.
يقوم طاقم جمعية أرض الإنسان بزيارة حضانات الأطفال في محافظة خانيونس بهدف تشخيص صحة الأطفال، وبحسب بياناتهم الأحدث فإنه يتم تحويل 22% من الأطفال المشخّصين لمركز الجمعية الخاص بعلاج سوء التغذية—والذين كانت آية من بينهم.
تقدّم جمعية أرض الإنسان العيادة الوحيدة المختصة بسوء تغذية الأطفال في خانيونس والوحيدة في غزة التي تقدم العلاج لمرضى الاضطراب الهضمي حيث توفّر لهم الرعاية الطبية اللازمة والسلّات الغذائية ووجبات الطعام الطازجة والمكمّلات الغذائية، كما أنها تعقد جلسات تثقيف صحيّ للتعريف بالأطعمة المغذيّة والطرق الصحيّة لطهي الطعام.
شاركت والدة آية في جلسات ارشاد فردي وأخرى توعوية للتعرّف على أسباب ومخاطر ومضاعفات وطرق الوقاية من سوء التغذية، كما شاركت في ورشات وضّح عبرها طاقم الجمعية طرق تحضير وجبات صحيّة من المواد الغذائية التي تقدمها ماب، وقد تم توفير تكاليف مواصلاتها لضمان قدرتها على الالتحاق بهذه الجلسات والورشات.
أما بالنسبة لآية فقد تلقّت مكمّلات غذائية وحبوب الفيتامين حسب إرشاد الطبيب طوال فترة متابعتها التي استمرت لثلاث شهور والتي تعافت على إثرها في آغسطس من العام الماضي كما بيّنت مؤشرات وزنها وحالتها الصحية. تعقّب والدتها على ذلك بقولها: كانت آية تعاني من فقدان الشهية وضعف التركيز والتعب ولكنّي لاحظت بعض التحسّن منذ أول زيارة لمركز جمعية أرض الإنسان. أقوم الآن بمشاركة تجربتي المتعلقة بجودة وكمية الغذاء مع زوجات إخوتي وأوصي جيراني بزيارة الجمعية."
آية واحدة من مليون طفل يعيشون في غزة الآن وهي واحدة من عدة آلاف ممن يعانون نتيجة الظروف الاقتصادية والتي قامت على إثرها جمعية أرض الإنسان وبدعم من ماب بالكشف عن 9,117 طفل في سنّ المدرسة في محافظة خانيونس خلال العام الماضي وتبيّن من هذه العيّنة من محافظة واحدة في غزة أن 22% منهم بحاجة لمتابعة حيال سوء التغذية وتم تحويل 1,800 طفل (898 ذكور و902 إناث) لمركز الجمعية لتلقي خدمات التغذية العلاجية وإدارة حالات الهزال الشديد واضطرابات النمو وفقر الدم.
يؤكد وسيم الباز—منسق المشاريع في الجمعية—على أهمية هذا العمل: "هناك رابط وثيق بين التغذية الجيدة والأداء المدرسي ولذلك ندعم المشروع الذي سيقوم بتقييم صحة الأطفال في سن ما قبل المدرسة وتشخيص حالتهم التغذوية في المناطق التي تندر فيها برامج الصحة."
ويضيف وسيم أن "الظروف السياسية وضعف وعي أولياء الأمور والحصار الاسرائيلي وعواقبه العديدة مثل الفقر والبطالة أثّرت جمعيها على كافي مناحي الحياة بما في ذلك عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية."
ويشير إلى أن "أكبر تحدٍ تواجهه جمعية أرض الإنسان هو نقص التمويل حيث أنه وللأسف أكثر من 11% من الأطفال الذين عانوا من سوء التغذية في عام 2022م لم يتم استقبالهم في مركز الجمعية الخاص بالتغذية العلاجية"
ويضيف هيثم السقّا—مسؤول البرامج المجتمعية في ماب—أن "إحدى ميّزات هذا المشروع هو وصولنا للأطفال في دور الحضانة عوضاً عن انتظار زيارة ذويهم لمراكز جمعية أرض الإنسان أو انتظار تحويل الأطفال لهذه المراكز عبر عيادات خاصّة أو حكومية."
نرجو تبرعكم الكريم اليوم لدعم الأطفال الفلسطينيين المعرضين لسوء التغذية.
*تم تغيير الأسماء لحماية الخصوصية.