5 September 2024
يقع مخيم نور شمس ومخيم طولكرم في مدينة طولكرم في شمال الضفة الغربية المحتلة حيث يسكن في المخيمين 40,000 لاجئ فلسطيني تحيط بهم خمس مستوطنات اسرائيلية غير قانونية ونقطة تفتيش يقيمها الجيش الاسرائيلي على مدخل المدينة فيما يقيّد حرية حركة سكّان المخيم و يعيق من قدرتهم على الحصول على خدمات الرعاية الصحية.
أخذت أوضاع المخيمين بالتدهور بشكل كبير منذ أكتوبر الماضي ومع بداية الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة حيث أخذت القوات الإسرائيلية باجتياحهما بشكل شبه يومي وإلحاق دمار واسع النطاق بالبنية التحتية والشوارع وشبكات الصرف الصحي والتسبب بمعاناة لا يمكن تصورها لسكّانهما.
اجتاح الجيش الإسرائيلي بتاريخ 28 آغسطس من العام الجاري الضفة الغربية في أكبر عملية عسكرية له هناك منذ عقود حيث أغلق الجيش الإسرائيلي شمال الضفة الغربية، وقتلت قواته عشرات الفلسطينيين خلال هجومها المتزامن على طولكرم ومدن أخرى في الشمال منها جنين ونابلس وطوباس، فيما فاقم من الوضع المتردي في طولكرم.
أفاد أطباءٌ أن القوات الاسرائيلية خلال اجتياحها لطولكرم قامت بحصار المستشفى الرئيسي وأعاقت حركة المرضى وسيارات الإسعاف. استجابت جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) للوضع الطارئ من خلال توفير المواد الطبية اللازمة—بما فيها تلك الضرورية لعلاج الحروق الشديدة—للمستشفيات في الشمال.
وفي إفادتها لماب قالت فاتن عصاصة—منسقة البرامج في مركز العودة لتأهيل الطفولة والشباب وهو شريك محلي لماب—أن "طولكرم ومخيماتها شهدوا حصاراً مشدداً وتدميراً واسع النطاق للبنية التحتية وتقييداً على دخول الطواقم الطبية والصحفية للمخيمات."
وتتابع فاتن أنّه "ووفقًا لشهود العيان كان هناك منازل مشتعلة منعت القوات الإسرائيلية الطواقم من دخولها وإطفائها؛ علاوةً على حالاتٍ طبيةٍ حرجة ]عرقلت القوات الاسرائيلية[ من وصول طواقم الطوارئ لها وتقديم العلاج لها".
كان عام 2023 الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية—بما فيها القدس الشرقية—منذ بداية الأمم المتحدة بتسجيل البيانات في عام 2005؛ إلا أن عنف الجيش الاسرائيلي في العام الجاري فاق مستوياته في كل الأعوام الماضية حيث أسفر عن مقتل 620 فلسطينياً؛ والذين قُتل 136 منهم في غارات جويّة في تصعيد خطير مقارنةً بمقتل ستة فلسطينيين بذات الأسلوب في الفترة الممتدة من 2020 إلى أكتوبر 2023—جميعهم في عام 2023.
يدفع شحّ الوظائف في طولكرم معظم سكّان المدينة للعمل في إسرائيل والتي علّقت وألغت جميع تصاريح العمل منذ أكتوبر الماضي في عقاب جماعي للفلسطينيين من الضفة الغربية، وهو ما رفع معدل البطالة بشكل كبير وفاقم من محدودية الوصول لخدمات الرعاية الصحية الأساسية.
كما فقد آخرون في طولكرم مصادر دخلهم بسبب تدمير القوات الاسرائيلية لمحلّاتهم ومصالحهم التجارية. يؤكد علاء سروجي—عضو مجلس الإدارة في مركز العودة—أن "القوات الاسرائيلية دمرت المحلّات الصغيرة بما فيها البقّالات ومحطات بيع القهوة التي كانت تعتمد عليها عائلات فلسطينية".
أدّت الهجمات الإسرائيلية في مخيمي طولكرم ونور شمس إلى تدهور أوضاع المسنّين والأطفال وخاصةً الأطفال ذوي الإعاقة هناك فالشوارع والبنية التحتية المدمرة بالكاد تفي بقدرة هذه الفئات على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية. كما أدى تدمير البنية التحتية لاختلاط شبكات المياه مع الصرف الصحي بما يُنذر بمخاطر صحية جسيمة لم يكن أقلها أن السكان قضوا 11 يوماً متتالياً دون وصولٍ لمياه نظيفة. يضيف علاء أن: "الدمار في مخيم طولكرم للاجئين أدى لمخاوف صحية بسبب الغبار [الناجم عن هدم المنازل] وبسبب المياه الملوثة".
كما تترك الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة أثراً بالغاً على الأطفال ذوي الإعاقة وخاصةً المصابين بالتوحد ومتلازمة داون، والذين تتفاقم معاناتهم في ظلِّ حاجتهم لرعاية يومية لا يمكنهم الوصول لمراكز الرعاية لتلقّيها بسبب تكرار الاجتياحات واستمرار التهديد بالعنف. وفي إشارتها لمعاناة هذه الفئة من الأطفال تفيد فاتن بأن "الأهالي يخشون الآن من إرسال أطفالهم لمراكز الرعاية بسبب الاجتياحات المحتملة وهو ما يضعهم بين ابقاء أطفالهم في البيت أو المخاطرة بسلامتهم"؛ إلا أن البقاء في البيت دون متابعة طبية قد يفاقم من الحالة النفسية والأعراض المصاحبة لإعاقة هؤلاء الأطفال، كما أن الأوضاع الاقتصادية المتردية حالياً تزيد من مستويات التوتر والقلق فيما يخلق بيئة سلبية للأطفال وذويهم.
يعمل مركز العودة مع الأطفال ذوي الإعاقة—وتحديداً مع الأطفال المصابين بالتوحد ومتلازمة داون—بالإضافة إلى النساء واليافعين والمسنين حيث يقوم المركز على أنشطة مجتمعية ومبادرات شبابية ومشاريع تمكين اقتصادي يسعى من خلالها لتوفير الفرص للفلسطينيين، كما يقدّم المركز خدمات الرعاية الصحية في مخيميّ طولكرم ونور شمس عبر الزيارات المنزلية للمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة ممن لا يستطيعون الوصول لمقرّه، بالإضافة إلى مساندة المركز للنساء من أجل إطلاق أعمالهن الخاصّة الصغيرة.
زاد المركز من عدد متطوعيه في ظل مبادرة اليافعين للمساهمة في مجتمعاتهم إلا أن الحاجات في طولكرم ملحّة وتتطلب من المركز مزيداً من الموارد لمواصلة عمله الهام في ظل تصاعد العنف الإسرائيلي.
تلتزم ماب بدعمها لمركز العودة للمساهمة في توفيره لخدمات الرعاية الصحية وتخفيفه من المصاعب المفروضة على سكّان طولكرم. نحتاج لمساهمتكم لمواصلة دعمنا لمركز العودة ونعتمد على تبرعكم لضمان وصول خدمات الرعاية الصحية والنفسية للفئات الأكثر حاجة لها في طولكرم والضفة الغربية.
يمكنكم المساهمة عبر التبرع هنا