15 October 2024
فاقمت هذه التطورات من الأزمة الإنسانية في لبنان وهو ما دفع جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) لتكثيف دعمها للمجتمعات المتضررة وخاصةً اللاجئين الفلسطينيين. تشارك عُلا في هذه المدونة تجربتها في العمل كقابلة مع ماب وتوضح طبيعة التحديات الصحية التي تواجه النساء الحوامل والأمهات والأطفال الذين أُجبروا على النزوح من بيوتهم ويمكثون الآن في ملاجئ جماعية.
هل تخبرينا عمّا مررتِ به خلال الأسابيع القليلة الماضية؟
لقد زرنا العديد من مدارس الأنروا التي يتم استخدامها الآن كملاجئ جماعية للنازحين حيث تتلقى الأسر فيها فراشاً وأغطية وبعض اللوازم الأساسية؛ إلا أن النزوح صدمة تكسر القلب فكلُّ إنسان لديه حياة وأحلام وبيت؛ ولك ذلك تبدل إلى معاناة اليوم. لقد ترك النازحون كل شيء خلفهم ولجؤوا من بيوتهم واُضطرت بعض الأسر للتفرق فيما تستمر ذكريات العنف والقصف والحرمان بالتخييم على أفكارهم جميعاً. يبلغ العوز مستوً كبيراً جداً اليوم ونحن نفعل كل ما بوسعنا لجعل الحياة أفضل بقليل بالنسبة للنازحين.
ما هي التحديات الصحية الرئيسية التي تواجه النساء الحوامل والأمهات والأطفال في الملاجئ؟
تتسبب محدودية أنواع المواد الغذائية في حالات سوء التغذية والإمساك، وقد انتشرت حالات صحية مثل الإمساك والإسهال بين النازحين، وفي ظل وجود دورة مياه واحدة في معظم الملاجئ وحاجة الناس أحياناً للنزول ثلاث طوابق للوصول لها فإنهم يُضطرون لتقنين استهلاكهم للسوائل. يمكن لحالات العدوى أن تنتقل بسرعة وسهولة في ظل الاستعمال المشترك لدورة المياه، كما أننا نلاحظ خطر انتشار القمل بين الأطفال بسبب وصولهم المحدود للماء الدافئ ومساحة للاستحمام، بالإضافة إلى القلق والحيرة المستمرين والذين يؤثران على الصحة النفسية للنساء والأطفال.
هل يمكنك وصف أوضاع المعيشة في الملاجئ وكيف تؤثر على صحة وسلامة النساء والأطفال؟
تقدم الطواقم في الملاجئ أفضل ما تستطيع وذلك بالتعاون مع شركاء محليين حيث يساهمون في توفير الماء والغذاء ومواد النظافة الشخصية ولكن دون أن يكون ذلك كافياً فكثيراً ما تفتقد دورات المياه للماء الساخن وهو ما يحدّ من قدرة الناس على الاستحمام، علاوةً على انعدام الخصوصية. تؤثر الظروف غير الصحية على الجميع وخاصةً على النساء الحوامل والأمهات حديثات الولادة والأطفال الصغار.
جميع من زُرناهنَّ من النساء كُنَّ متعباتٍ وأحياناً في حالة بائسة بسبب تجربة نزوحهن المروعة فقد صاحبتهن أصواتُ القذائف حتى وصلن إلى الملجئ ويعشن الآن فيه كمكان غريب وبين غرباء فيما تستمر أصوات القذائف والتدمير بتذكيرهن بذلك. يفاقم هذا القلق من الصعوبات التي تواجههن في محاولة رعاية صحتهن وأطفالهن.
ما هو شكل الرعاية الصحية والدعم الذي تقدمونه؟
نحن نمنح الأولوية في زياراتنا للنساء الحوامل والمرضعات حيث نُجري لهنّ فحوصات كاملة تشمل فحص ضغط الدم ودرجة الحرارة ونمو الجنين أو الطفل، بالإضافة إلى فحص حالات سوء التغذية والتهابات المسالك البولية، كما نقدّم لهنّ الدعم النفسي وندربهنّ على رعاية أنفسهن وأطفالهن خلال هذه الأوقات العصيبة. نقوم أيضاً بتفنيد الخرافات المحيطة بتجربة الحمل والإرضاع ونمدُّ النساء بالنصائح التي يحتجنها لصنع قرارات واعية. الأمر لا يتعلق فقط بتقديم الرعاية الطبية لهنّ وإنما أيضاً بإقناعهن أنهن لسن وحدهن وأن هناك من يقف معهن.
هل تصفين لنا كيف يبدو يومك عند زيارة الملاجئ؟
أبدأ اليوم بالتنسيق مع شركاء ماب الذين يديرون أنشطة الملجئ وذلك بهدف تحديد النساء اللاتي يحتجن خدماتنا. نقوم بعد ذلك باستخدام أدوات طبية للتحقق من صحة النساء الحوامل وصحة أطفالهن عبر الاستماع لدقات قلب الأجنّة ومحاولة الكشف عن أي دلالة على سوء التغذية. تختلف كل زيارة عن الأخرى تبعاً لدرجة التوتر المحيطة بالنساء واللاتي يتعرضن لضغط شديد يجدن أحياناً راحةً منه وفرحاً نقيضاً له عند الاستماع لدقات قلب أجنّتهن. إنها لحظات مؤثرة بالنسبة لنا لأنها تذكرنا بأهمية ما نقوم به.
هل خُضتي لحظات أمل تودين مشاركتها معنا؟
إحدى اللحظات الأكثر تأثيراً كانت عندما تمكّنت امرأة حامل من سماع دقات قلب طفلها بعد أن خشيت أنّها قد فقدته. تَحوَّل يأسها فرحاً وزارت البسمة وجهها من جديد. بالرغم من كل ما اختبرته هذه المرأة إلا أنها وجدت الفرح في إدراك أمان طفلها. لن أنسى أبداً نظرةَ الارتياح والسعادة على وجهها.
ما الأثر الذي يجده النازحون في ما تقدمه ماب؟
لماب أثر إيجابي وعظيم فالفحوصات تساعد النساء الحوامل والمرضعات على الشعور بالأمان، كما أن الإرشادات التي نقدمها تساعدهن على تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الحمل والأطفال، أما الدعم النفسي فيشكّل لهن تذكيراً بأنهن في مكان آمن الآن. يعينهن عَملُنا على التركيز في الحاضر ومحاولة التقدم للأمام حتى في وجه صعابٍ لا يمكن تخيلها.
ماذا تودين القول للمجتمع الدولي حيال الوضع في لبنان وخاصة بشأن اللاجئين الفلسطينيين؟
لطالما كان وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مليئاً بالتحديات. لقد كانوا بحاجة ماسّة للدعم الذي تقدمه الأنروا للتعامل مع الظروف المعيشية والنفسية في مخيمات شديدة الاكتظاظ وللتغلب على الصعاب التي تعيق قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية، والآن وبالرغم من كل ذلك أصبحت عدّة من تلك المخيمات شديدة الخطر وأُجبروا على النزوح منها لأماكن أقل خطورة؛ أيّ أنهم هُجّروا من موطنهم إلى لبنان ثم من بيوتهم في المخيمات إلى ملاجئ يصعبُ فيها تلبية حاجاتهم الأساسية من ماء وغذاء وخصوصية.
يجب على المجتمع الدولي ألا ينسى هؤلاء الناس وخاصةً النساء والأطفال الذي يتحملون وطأة هذه الأزمة. إنهم بحاجة لدعم عاجل لمؤازرتهم في محاولاتهم للنجاة وإعادة بناء حياتهم.
ماب قادرة على توفير الدعم الصحي الضروري للفلسطينيين في لبنان وغزة والضفة الغربية بفضل دعمكم الكريم