9 January 2025
صعدت قوات الجيش الإسرائيلي من استهدافها الممنهج لأفراد الطواقم الطبية الفلسطينية حيث تعتقل حالياً المئات منهم بشكل تعسفي وفي ظروف غير إنسانية؛ فيما يشكل واحدةً من الأدوات التي تستعملها اسرائيل في تفكيكها الممنهج لمنظومة الرعاية الصحية في غزة وبما يجعل من نجاة الفلسطينيين مسألة مستحيلة.
اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي بتاريخ 27 ديسمبر 2024 مستشفى كمال عدوان في شمال غزة بعد هجمات متكررة استمرت لأكثر من 12 أسبوعاً حيث أضرم الجيشُ النارَ وعاث الدمارَ في المباني الرئيسية بما أخرج المستشفى عن الخدمة، خاصةً مع اعتقال د. أبو صفية—مدير المستشفى—مع العشرات من أفراد طاقمها.
أُجبر حوالي 350 شخصاً بمن فيهم المرضى على مغادرة المستشفى حيث توجه بعضهم للمستشفى الأندونيسي والذي لم يتمكن من تقديم أي خدمات رعاية لهم في ظل خروجه عن الخدمة هو الآخر عقب تدمير الجيش الإسرائيلي له في 24 ديسمبر، وبذلك يبقى مستشفى العودة الوحيد في محافظة شمال غزة المستمر في عمله بشكل جزئي ولكن المهدد أيضاً بالانهيار في ظل نقص الموارد والهجمات المتواصلة.
في تعقيبها على هذه الاستهدافات قالت فكر شلتوت، مديرة جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) في غزة، أن طاقم الجمعية "قلقٌ جداً بشأن حياة وسلامة د. حسام أبو صفية وكل أفراد الطواقم الطبية الفلسطينية الذين اعتقلتهم قوات الجيش الإسرائيلي." وأضافت شلتوت أن "هذه الاعتقالات مع الهجمات الممنهجة على المستشفيات في شمال في غزة تسببت في حرمان عشرات الآلاف من الناس من الوصول للرعاية الصحية وأجبرتهم على النزوح للجنوب."
وتابعت شلتوت بأن د. أبو صفية "قضى أسابيعاً وشهوراً في المطالبة بالإغاثة من وقع هجمات الجيش الإسرائيلي على مستشفى كمال عدوان وأثرها في تهديد زملائه ومرضاه؛ إلا أن مناشداته قوبلت بصمت مدوٍّ من المجتمع الدولي."
وأكدت مديرة ماب في غزة أنه "وَجبَ ومنذ فترة طويلة على المملكة المتحدة والدول الأخرى أن تتخذ إجراءات حاسمة لحماية الفلسطينيين من التطهير العرقي وضمان سلامة الطواقم الطبية ومحاسبة إسرائيل."
لايزال موقع د. أبو صفية مجهولاً منذ اعتقاله فيما يثير مخاوفاً بشأن سلامته في المعتقلات الإسرائيلية. تجدر الإشارة إلى أن اعتقال د. أبو صفية يتبع نمطاً موثَّقاً من استهداف قوات الجيش الإسرائيلي لأفراد الطواقم الطبية وتعريضهم حسب تقارير إلى التعذيب والمعاملة غير الإنسانية.
فَقَدَ ما لا يقل عن ثلاثة أطباء حياتَهم في المعتقلات الإسرائيلية حتى تاريخ 24 سبتمبر 2024 بينما استمرت السلطات الإسرائيلية في اعتقال ما قد يزيد عن 330 من أفراد الطواقم الطبية حسب وزارة الصحة الفلسطينية، حيث تعرض د. عدنان البرش للتعذيب حتى الموت في السجون الإسرائيلية في مايو 2024، كما قُتلَ 1,057 من أفراد الطواقم الطبية الفلسطينية في غزة منذ أكتوبر 2023.
أما في استجابته لسؤال عاجل طُرح في مجلس العموم البريطاني في 7 يناير 2025 بشأن اعتقال د. أبو صفية والوضع في شمال غزة فقد طالب وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط هاميش فالكونر إسرائيل بتقديم "توضيح عاجل لأسباب اعتقاله".
وبينما رحّب روهان تالبوت، مدير الحملات والمناصرة في ماب، بقرار وزير الدولة طرحَ قضية د. أبو صفية مع إسرائيل إلا أن تالبوت أكد على أنه "من غير الكافي أبداً السعي فقط لاستيضاح أسباب اعتقاله دون المطالبة بالإفراج عنه وعن كافّة أفراد الطواقم الطبية الذين اعتقلتهم إسرائيل بشكل تعسفي."
وكانت لجنة تحقيق أممية قد خلصت مؤخراً إلى أن "قوات الأمن الإسرائيلية تعمدت قتل واحتجاز وتعذيب العاملين في المجال الطبي" وأنها فعلت ذلك ضمن سياسة منسقة لتدمير منظومة الرعاية الصحية فيما شكّل جرائم حرب من ضمنها الإبادة كجريمة ضد الإنسانية .
أكد تالبوت أخيراً على أن الرد الدبلوماسي الهزيل الذي تقدمه حكومة المملكة المتحدة مخزٍ ومنطوٍ على إهمالٍ لواجباتها الأخلاقية والقانونية. يجب على حكومة المملكة المتحدة أخذ إجراءات عاجلة وحاسمة لمحاسبة المسؤولين عن الاعتداءات بحق أفراد الطواقم الطبية الفلسطينية.
صورة: عبد العزيز برديني، أحد أفراد الطواقم الطبية الفلسطينية، ينعى جسد والدته بجانبه في مدينة دير البلح بغزة (مصدر: وكالة اسوشيتد برس/عبد الكريم حنّا)