يتعرض الفلسطينيون للضغط والإجهاد في كافة مناحي حياتهم سواء أولئك الذين يعيشون تحت الإحتلال أو الحصار في الأرض الفلسطينية المحتلة أو أولئك اللاجئين في لبنان، ويتسبب في هذا الضغط والإجهاد واقع الصراع والتهجير الذي يؤدي أيضاً إلى نقص مستمر في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والتعرض لعنف المستوطنين وتلقي تهديدات بهدم البيوت والمعاناة من الفقر والصدمة. تساعد خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي الأفراد والمجتمعات على التعامل مع هذا الواقع وآثاره النفسية وإعادة بناء الروابط الاجتماعية في وجه الإجهاد والتهميش.
تقدم ماب دعمها للفلسطينيين لبناء آليات تأقلم جماعية في ذات الوقت الذي تسعى فيه للحدِّ من العوامل السياقية التي تقوّض من صحتهم النفسية، وتهدف ماب في ذلك إلى مساعدة الفلسطينيين على إعادة بناء حياة متماسكة وهادفة يستطيعون فيها تخفيف الضغوط عليهم والحيلولة دون تدهور الحالة النفسية لمستويات أكثر تعقيداً والمساهمة الفاعلة في قضاياهم الشخصية والأسرية والإجتماعية والثقافية.
يعمل مركز السرايا في بيئة قسرية وفي جوٍ عام من التوتر والعنف في القدس الشرقية المحتلة، حيث يقدم المركز للأطفال واليافعين ورشات لتنمية مهاراتهم الحياتية فيما يتعلق بقضايا الهوية والحقوق والمسؤولية والقيادة والتعبير والتعامل مع الأقران.
يساعد المركز في تنشأة المستفيدين من خدماته كصانعي تغيير إيجابي في مجتمعاتهم عبر تعزيز قدراتهم وثقتهم بنفسهم.
بالرغم من تزايد انتشار الأمراض النفسية في قطاع غزة بسبب إنعدام الأمن وبسبب عوامل سياسية واقتصادية إلا أن خدمات رعاية الصحة النفسية تستمر في كونها ضعيفة ومجزئة، ولذلك تقدم ماب دعمها في مجال الصحة النفسية في غزة منذ أكثر من ست سنوات حيث توفر الدعم لذوي الأمراض النفسية ولأسرهم من أجل إدارة حالتهم. كما وتعمل شريكة ماب، جمعية أصدقاء الصحة الفلسطينية، على تدريب الأخصائيين الاجتماعيين والمحامين والقضاة وقادة المجتمعات المحليين لرفع مستوى الوعي بطبيعة الأمراض النفسية وبحقوق مستخدمي خدمات الصحة النفسية، وتقوم الجمعية بتنظيم حملات مناصرة تهدف من خلالها للحدِّ من الوصمة المرتبطة بمواضيع الصحة النفسية وللدفاع عن حقوق الأشخاص من ذوي الأمراض النفسية.
تعمل ماب في لبنان عبر شراكتها مع اليونيسيف وعدد من المنظمات المحلية لتوفير الدعم النفسي والاجتماعي عبر أنشطة منظمة وترفيهية ومعتمدة على التعلم من خلال اللعب، ويستفيد من هذه الأنشطة الأطفال والنساء والأسر حيث تُتاح لكافة الفلسطينيين في لبنان—بمن فيهم اللاجئون الفلسطينييون المهجّرون من سوريا. توفر هذه الأنشطة مساحات آمنة للناجيات من العنف الجنساني بالإضافة إلى عقد مجموعات بؤرية ومجموعات دعم عاطفي.
يواجه الفلسطينيون في الأرض الفلسطينية المحتلة خدمات محدودة لرعاية الصحة النفسية بالإضافة إلى أن قضايا وموارد الصحة النفسية لا تحظى بفرص لنقاشها أو دراستها أو تنميتها، وهو ما يفاقم من ضعف الخدمات الموجودة في ظل المخاطر النفسية المتزايدة التي يتعرض لها الفلسطينيون جرّاء العنف والتجريد المزمنين، وهو أيضاً ما تعاقب عليه غياب السعي لدمج خدمات الصحة النفسية في النظام العام للصحة.
تسعى ماب في هذا السياق إلى تحسين دمج خدمات الصحة النفسية في نظام الصحة الفلسطيني وتركز على تطوير جودة التدريب والمناهج المعمول بها في برامج الإقامة في تخصص الطب النفسي في الضفة الغربية بالإضافة إلى بناء القدرات للأطباء النفسيين المقيمين في مستشفى بيت لحم النفسي، كما أن ماب تدعم مهنيي الصحة النفسية الفلسطينيين في تحديد وتصميم أفضل الطرق لبناء قدرات العاملين في المجال بهدف تطوير مهاراتهم في تحسين الصحة النفسية للأسر والأطفال واليافعين الفلسطينيين.