اليوم العالمي للمرأة: نوجد بصيص أمل للنساء في وجه التمييز في القدس الشرقية

في اليوم العالمي للمرأة تحدثت أسيل بيضون—منسقة المناصرة والتواصل في جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب)—مع نور* عن تجربة الأخيرة كامرأة تعيش في المدينة القديمة من القدس الشرقية المحتلة. 

تشكل المدينة القديمة بؤرة لعنف الجنود والمستوطنين الإسرائيليين. تشير نوروهي أم وحيدة لأربعة أبناءلواقع المدينة بقولها: "يعتقد الناس أن الحياة هنا نعمة دون أن يكون لديهم أي فكرة عن كونها لعنة، على الأقل بالنسبة للفلسطينيين."  

يتظاهر الفلسطينيون في المدينة ضد السياسات والممارسات الإسرائيلية التي تستهدفهم بالتهجير القسري والتمييز الممنهج، وتستخدم القوات الإسرائيلية القوة المفرطة في التعامل مع هذه المظاهرات حيث أصابات المئات من الفلسطينيين، بينما تستمر السلطات الإسرائيلية في خلق جو عام من التوتر وانعدام الأمن في المدينة وبما يؤثر سلباً على صحة الفلسطينيين جسدياً ونفسياً. 

تشارك نور شعورها : "يؤلمني قلبي في كل مرة يغادر أبنائي البيت وأتساءل إذا ما كنت سأراهم مرة أخرى. تمتلئ شوارع المدينة القديمة في القدس بالقوات الإسرائيلية التي توقف الفلسطينيين بشكل عشوائي للتحقيق معهم أو اعتقالهم أو الإساءة لهم وهناك احتمال أن يقوموا باطلاق النار عليهم. أنا في الخمسينيات من عمري ولكني خضعت عدة مرات للإيقاف والتفتيش وطُلب مني وضع رأسي على حائط ورفع يدي دون أي سبب سوى أنني فلسطينية." 

وتضيف نور: "تنطوي مغادرة المنزل على قلق شديد لأن حياتك قد تتعرض للخطر. المكوث في البيت—هذه المساحة الصغيرة التي لا يمكنك توسعتها أو ترميمها بسبب القيود الإسرائيلية—أيضاً يعرضك لمخاطر صحية جسدية ونفسية." 

تفرض إسرائيل قيوداً وسياسات عنصرية تقتضي أن يبني الفلسطينيون على ما مساحته 13% فقط من القدس الشرقية وهو ما أدّى لاكتظاظ شديد في الكثير من بيوت الفلسطينيين، كما أن ما لا يقل عن ثلث البيوت الفلسطينية في المدينة بُنيت دون تصريح إسرائيلي وهو ما يهدد 100,000 فلسطيني وفلسطينية بالتهجير. 

في ظل هذه البيئة القسرية والعدائية تجد نور بعض المؤازرة في زياراتها لمركز السرايا—وهو مؤسسة شريكة لـ(ماب) في المدينة القديمة—حيث يقدم المركز الدعم النفسي والاجتماعي للنساء والأطفال الفلسطينيين لمساعدتهم على التعامل مع التحديات التي يواجهونها، كما يقدم المركز تدريبات في مجال الحقوق القانونية وجولات مشي حول القدس الشرقية ورحلات عائلية لزيارة القرى التي هُجِّر منها الفلسطينيون خلال النكبة. 

تبدي نور حضوراً فاعلاً في مركز السرايا منذ سنوات حيث تذهب للمركز عدة مرات في الأسبوع للتمتع بمساحة آمنة تلتقي فيها بنساء فلسطينيات أخريات وتتلقى عبرها الدعم المعنوي وتشارك في أنشطة جماعية للنساء خلال الجولات حول المدينة. 

تصف نور تجربتها مع المركز بقولها: "مركز السرايا هو مساحتي للتعلم والتواصل والتفريغ. ألتقي بنساء أخريات هناك ونتحدث عن قضايا مشتركة وأعباء نحاول مواجهتها ونضحك للتغلب على مآسينا. بيتي صغير جداً وتتسرب إلي في الشتاء الكثير من المياه ولا يمكنني إصلاحه ولذلك يشكل المركز لي مكاناً متاحاً ودافئاً." 

"دمروا مستقبل ابني وطموحه وسلامته" 

 

خلال العنف الإسرائيلي الشديد في مايو 2021م شاركت نور في مظاهرة سلمية عند باب العامود في القدس للاحتجاج على التمييز الممنهج الذي تواجهه وأسرتها بشكل يومي، وفي سردها لأحداث مشاركتها تقول: "في طريقي للمظاهرة أصابتني قنبلة غازية في قدمي بشكل مباشر وقدّمت لي جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية الإسعافات الأولية حينها ولكن المسعف أخبرني أنهم إذا نقلوني للمستشفى فإن الإسرائيليين سيقومون بتسجيل اسمي وسيعلمون أنني أُصبت خلال مشاركتي في المظاهرة وبالتالي يمكن أن يتم اعتقالي." 

 "لا أريد أن يتم اعتقالي؛ من سيقوم برعاية ابنائي؟ لم أتلقَ العلاج المناسب لقدمي حتى بعد عام من الإصابة ولازلت أعرج عليها. لا يمكنني حتى أن أخبر طبيب الأسرة عن قدمي لأنه سيتم توثيقها في ملفي وهو مدرج في النظام الإسرائيلي وبالتالي يمكن أن يتم اعتقالي. حتى الرعاية الصحية هنا قد تصبح شكلاً من أشكال المراقبة الأمنية الإسرائيلية. نحن نعيش في واقع لا يمكننا فيه الاحتجاج على حرماننا من حقوقنا. لا يمكننا الاستمرار في حياة كهذه من الصعوبات التي لا تنتهي." 

تمثّل حياة فادي*—ابن نور—قصةً أخرى من غياب العدالة حيث أنه يدرس في جامعة القدس في بلدة أبو ديس التي يعزلها عن القدس جدار الفصل الإسرائيلي. تسرد نور أثر الممارسات الإسرائيلية على فادي بقولها: "في طريقه للجامعة كل صباح يقوم الجنود الإسرائيليون بإيقافه والاعتداء عليه. في إحدى المرات قاموا بضربه حتى اضطررنا لأخذه للمستشفى ومنذ ذلك الحين أصيب ابني بالذعر ولم يعد يغادر البيت وترك جامعته ويرفض البحث عن عمل. إنه مذعور من القوات الإسرائيلية. لقد دمّروا طموحه ومستقبله وسلامته النفسية؛ لقد قضوا على شعوره بالأمان. ابني ليس الحالة الوحيدة وغالبية الفلسطينيين الصغار في المدينة القديمة عانوا من الاعتداءات من القوات الاسرائيلية. 

 

بالرغم من الصعوبات المنطوية على الحياة في مدينة مقسّمة خاضعة للهيمنة الإسرائيلية العنصرية يستمر مركز السرايا في تقديم بصيص أمل وتجارب إيجابية لنور والتي تصف أنشطته على أنها أهم أحداث الأسبوع بالنسبة لها وتضيف: "أشعر بإنسانيتي هنا." 

نرجو دعمكم لعمل (ماب) وشركائها للاستمرار في تقديم خدمات الصحة النفسية والدعم للنساء والأطفال الفلسطينيين. يمكنكم المساهمة في دعم هذا العمل عبر التبرع هنا. 

*تم تغيير الأسماء لحماية الهوية. 

Stay updated – join our mailing list

Sign up for our newsletter to receive all the latest updates from our programmes, campaigns and fundraising appeals.

* indicates required
Your Interests