27 February 2023
يواجه قطاع الصحة الفلسطيني تحديات جمّة في ظل تصاعد العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وتدفق الجرحى والمصابين من ضحايا هجمات قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي ومجموعات المستوطنين.
أحاطت مجموعة من المستوطنين الاسرائيليين المسلحين في هجمة دموية بتاريخ 26 شباط/فبراير مناطق حوارة وبورين وزعترة وبيت فوريك في محافظة نابلس، وقامت بقتل فلسطيني واضرام النار في مئات السيّارات وفي ما لا يقل عن 35 بيتاً فلسطينياً وإلحاق الضرر بـ40 بيت آخر.
تفيد جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بإصابة أكثر من 400 فلسطيني؛ من بينهم من تعرضوا للطعن أو للضرب بالصخور أو بأدوات معدنية أو للإختناق جرّاء استنشاق الغاز المسيل للدموع. وقد جاءت هذه الأحداث عقب مقتل اسرائيليين على يد فلسطيني أثناء عبورهما للطريق المؤدي لحوارة من مستوطنة قريبة.
وفي استجابتها لهذه الهجمات أرسلت جمعية الهلال الأحمر خمس سيارات إسعاف لحوارة—بالإضافة إلى أربع كانت هناك قبل ذلك—إلا أن قوات جيش الاحتلال والمستوطنين كرروا ممارستهم في عرقلة وصول الطواقم الطبية للمصابين الفلسطينيين وقاموا بإلحاق الضرر بسيارات الإسعاف الخاصة بهم واعتدوا عليهم بالضرب وتسببوا في تأخير وصول السيارات الخمس لمدة ساعتين.
وفي إحدى الحالات مُنعت سيارة إسعاف تابعة للجمعية من الوصول إلى منزل أحد المرضى واضطر طاقم الإسعاف للسير على الأقدام لمسافة 300م للوصول لمنزل المصاب، وتعرضوا خلال مسيرهم لتهديدات حقيقية لسلامتهم في ظل المواجهات شديدة الخطورة والعداء المتكرر تجاه الطواقم الطبية الفلسطينية.
جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) تُدين بشدة عنف المستوطنين الاسرائيليين ضد الفلسطينيين، كما تُدين تمكين قوات الجيش الاسرائيلي لهذه الاعتداءات، وتطالب المجتمع الدولي بأخذ الاجراءات الكفيلة بإيقاف عنف الجيش والمستوطنيين الاسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
منذ بداية العام، قتلت القوات الإسرائيلية والمستوطنون ما لا يقل عن 60 فلسطينياً—من بينهم 13 طفلاً—في الضفة الغربية حسب وزارة الصحة الفلسطينية. يتزامن تصاعد العنف الاسرائيلي وارتفاع أعداد ضحاياه مع عجز قطاع الصحة الفلسطيني عن التعامل مع عواقب ذلك فالمستشفيات وطواقم المستجيبين الأوائل يفتقدون العديد من الأدوية والمستهلكات الطبية اللازمة لعلاج المصابين والاستمرار في تقديم خدماتهم الطبية.
كما يواجه العاملون في القطاع الصحي في الضفة الغربية قيوداً مزيدة تهدد سلامتهم وتقوّض من قدرتهم على تقديم خدماتهم، فخلال الهجمة على حوارة أغلقت قوات الجيش الاسرائيلي حواجز التفتيش المحيطة بنابلس وقيّدت بذلك القدرة على الدخول والخروج من المدينة، وفي أثناء ذلك كان طاقم عمل الضفة الغربية التابع لماب يقدّمون الإمدادات الطبية الطارئة لمستشفى رفيديا بالقرب من حوارة في نابلس والذي يواصل علاج العديد من الجرحى الذين أُصيبوا بالرصاص الحيّ خلال هجمة الجيش الاسرائيلي على مدينة نابلس في 22 فبراير والتي قتل فيها الجيش 11 فلسطينيًا وأصاب أكثر من 400 آخرين.
كانت هناء القيسي—مسؤولة البرامج في الضفة الغربية—ضمن طاقم ماب الذي وجد نفسه عالقاً في المدينة: "في الثانية مساءً أخبرني أعضاء الطواقم الطبية في نابلس أن الجنود الاسرائيليين أغلقوا المدينة ومنعوا الجميع من الدخول إليها أو الخروج منها وشمل ذلك منع سيّارات الإسعاف من الوصول للمصابين الفلسطينيين."
وخشيت القيسي اعتداء المستوطنين على سيّارة طاقم ماب أثناء عودتهم جنوباً: "كنت خائفةً جداً ولم أعرف ماذا أفعل. اتّصل بي زوجي عدة مرات للاطمئنان علي والتأكد من عودتي بسلامة للبيت. شعرت بأني محاصرة وكنت قلقة بشأن الاضطرار للمكوث في نابلس بعيداً عن طفلاي الذين يبلغ أحدهما عاماً والآخر أربعة أعوام."
"علمتُ بعد ذلك بفتح حاجز الحمراء بالقرب من أريحا واستطعت الرجوع بالسيارة إلى بيتي في رام الله في رحلة استغرقت أربع ساعات عوضاً عن مدتها الطبيعية التي تبلغ حوالي 45 دقيقة."
في هذا السياق، تقدّم ماب كجزء من استجابتها الطارئة لتصاعد العنف في الضفة الغربية حقائب الاسعاف الأولي لجمعية الاغاثة الطبية الفلسطينية من أجل تعزيز امكانيات متطوعيها في نابلس وجنين والقدس الشرقية—وهي المدن الثلاث التي شهدت جلَّ عنف الجيش والمستوطنين الاسرائيليين هذا العام.
تنطوي استجابة ماب على أهمية بالغة في ظل استمرار زيادة الضغط على المستشفيات والمستجيبين الأوائل، ومع انتهاج الجيش الإسرائيلي لتقييد حرية حركة الطواقم الطبية فإن تجهيز المتطوعين المحليين للتعامل مع المصابين يبرز كجهد أساسي لتقديم الرعاية الطبية وصون الحياة.
نحن بحاجة لدعمكم المستمر لضمان حصول الطواقم الطبية الفلسطينية على الإمدادات اللازمة لعملهم. نرجو تكرمكم بدعم استجابتنا الطارئة عبر التبرع اليوم.