لجنة تحقيق أممية تكشف عن ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب وإبادة جرّاء استهداف القطاع الصحي في غزة

نشرت لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة في الأراض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وإسرائيل تقريرها الأخير الذي يحقق في الهجمات على الطواقم والمرافق الطبية في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وقد لخصت اللجنة إلى أن القوات الإسرائيلية ارتكبت جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة في غزة.

ويفصّل التقرير، الصادر في 10 أكتوبر 2024، التدمير الممنهج لنظام الرعاية الصحية في غزة، كما يتناول إساءة معاملة الطواقم الطبية والمعتقلين والمرضى، حيث وجدت اللجنة أن إسرائيل نفّذت سياسةً منسقةً لتدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، وأن "قوات الأمن الإسرائيلية تعمدت قتل وجرح واعتقال واحتجاز وإساءة معاملة وتعذيب الطواقم الطبية واستهداف المركبات الطبية، ليُشكّل ذلك جرائم حرب تتمثل في القتل العمد وسوء المعاملة، وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في ارتكاب أعمال الإبادة." وتزامنت هذه الإنتهاكات مع العقاب الجماعي الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية على الفلسطينيين من خلال تشديد الحصار على غزة بما أدى إلى نقص الماء والغذاء والوقود والدواء والإمدادات الطبية للمستشفيات.

الهجمات على قطاع الرعاية الصحية

حققت اللجنة في الهجمات التي استهدفت أربع مرافق طبية موجودة في مناطق مختلفة من غزة: مجمع ناصر الطبي ومستشفى الشفاء ومستشفى العودة ومستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، ووجدت اللجنةُ في تلك الهجمات تماثلاً يشيرُ إلى "وجود خطط وإجراءات عملياتية لمهاجمة مرافق الرعاية الصحية"، ووجدت اللجنةُ أن تلك الهجمات تخللتها ما تُسمّى بـ"أوامر إخلاء" إلا أن الإخلاء لم يكن ممكناً أو قابلاً للتطبيق بطريقة تضمن أي درجة من السلامة، كما تضمنت الهجمات قصفاً وقنصاً مباشرين للمستشفيات وهو ما أفادت جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) بتكرار حدوثه عبر سنة الآن من حرب إسرائيل على غزة.

ووجدت اللجنة أن المحتجَزين، بمن فيهم أعضاء الطواقم الطبية، تعرضوا لسوء معاملة شديدة في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية حيث تمّ تعريتهم، ونقلهم عراة، وعصب أعينهم، وتقييد أيديهم بإحكامٍ مُورِم، وركلهم وضربهم، والاعتداء جنسياً عليهم، وتهديدهم بالقتل؛ كما أن عدداً كبيراً من الفلسطينيين—أطباء وأفراد طواقم طبية ومرضى ومدافعين عن حقوق الإنسان—تعرضوا للاحتجاز التعسفي بعد اعتقالهم خلال اقتحام القوات الإسرائيلية للمستشفيات وهجماتها عليها.

الآثار على النساء والأطفال

بيّن تحقيق اللجنة أن مراكز الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية تعرضت للاستهداف المباشر وهو ما أثّر بشكل خاص على الأطفال والأمهات والنساء الحوامل في انتهاك للحقوق الإنجابية والحقوق في الحياة والصحة والكرامة وعدم التمييز، حيث خلصت اللجنة إلى أن "المعاناة الجسدية والعقلية المطَّولة التي تلحق بالجرحى من الأطفال، والأضرار الإنجابية التي تصيب الحوامل والوالِدات الجدد والمُرضعات... ترقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية ]من بين [أفعال لاإنسانية أخرى."

وفي توثيقها لشهادة خبراء طبيين أشارت اللجنة إلى أن تدمير البنية التحتية لقطاع الرعاية الصحية واستهداف الطواقم الطبية بالتزامن مع شحّ المستلزمات قلّص من فرص الأطفال في الحصول على العلاج والرعاية الصحية الأسياسية، كما أن نقص الإمدادات اللازمة وضعف عمليات التعقيم في ظلّ الهجمات على مستشفيات الأطفال حدَّ من قدرة الطواقم الطبية على علاج الأطفال—المصابين والذين يعانون من سوء التغذية وذوي الحالات المرضية السابقة—فيما يوضح "استهداف الأطفال بشكل مباشر"، وقد خلصت اللجنةُ إلى أن إسرائيل "قامت عن عمد بتهيئة ظروف حياتية أفضت إلى تدمير أجيال من الأطفال الفلسطينيين ومن الشعب الفلسطيني كمجموعة."

غزة غير صالحة للسكن بسبب التدمير الممنهج لقطاع الرعاية الصحية

وجدت اللجنة أن الجيش الإسرائيلي قام بتدمير قطاع الرعاية الصحية في غزة بشكل ممنهج وهو ما "كانت له آثار وخيمة جداً على فرص الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية وعلى جودة هذه الخدمات ومدى توافرها، مما أدى إلى ارتفاع كبير في معدلات الوفيات والاعتلال، وذلك بمثابة انتهاك للحق في الصحة البدنية والعقلية، الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحق في الحياة"، كما أن هجمات الجيش الإسرائيلي على مرافق الرعاية الصحية أدت "بشكل مباشر إلى مقتل مدنيين، من بينهم أطفال ونساء حوامل، كانوا يتلقون العلاج أو يبحثون عن مأوى، وبشكل غير مباشر إلى وفاة مدنيين بسبب النقص في الرعاية الطبية وفي الإمدادات والمعدات الطبية الناجم عن هذه الهجمات، وهو ما يشكل انتهاكاً لحق الفلسطينيين في الحياة"، وهو ما في مجمله قاد اللجنة إلى رؤية "أن هذه الأفعال تشكل جريمة ضد الإنسانية تحت بند الإبادة."

كانت ماب وعلى مدى أكثر من عام قد دقّت ناقوس الخطر بشأن اتباع القوات الإسرائيلية سياسة ممنهجة في تدمير قطاع الرعاية الصحية، مُحذرةً من أن هذه الهجمات تجعل من غزة مكاناً غير صالحاً للسكن وتشكل تهديداً وُجودياً للشعب الفلسطيني.

أوصت اللجنة في تقريرها أن تتوقف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عن عون أو الضلوع في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي في غزة، وأن تستكشف الدولُ الأعضاءُ تدابيراً لمساءلة الجناة المزعومين بما في ذلك عبر التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. كما أوصت اللجنة الدول الأعضاء بالامتثال لواجباتها القانونية الدولية والمنصوص عليها في اتفاقيات جنيف من أجل ضمان احترام القانون الدولي الإنساني والوفاء بالالتزامات الإضافية المترتبة على كلٍ من اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.

يجب على المجتمع الدولي الاستيقاظ بشأن غزة وفي ظل خلوص اللجنة لارتكاب قوات الجيش الإسرائيلي لجريمة الإبادة هناك. تطالب ماب حكومات العالم، بما فيها حكومة المملكة المتحدة، بأخذ الإجراءات اللازمة وعلى وجه الفور لإنهاء أي تواطئ في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، بما في تلك الإجراءات من:

  1. السعي الجادّ لفرض وقف لإطلاق النار في غزة وحماية المدنيين وقطاع الرعاية الصحية
  2. تعليق كافّة عمليات نقل الأسلحة لإسرائيل وذلك لمنع استخدامها في انتهاكات للقانون الدولي وفي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
  3. التحرّك بجرؤة ووضوح لضمان امتثال إسرائيل للتوصيات التي قدمتها اللجنة وللأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية بشأن منع ارتكاب إبادة جماعية، ولتطبيق رأي المحكمة الاستشاري بشأن عدم عون أو الضلوع في الاحتلال غير القانوني الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والسعي الفعلي والعاجل لإنهاءه.
  4. المساهمة في تحقيق العدالة الدولية، بما في ذلك عبر التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، لضمان مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاك القانون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة.

يمكنكم قراءة التقرير بالكامل باللغة العربية هنا

صورة: رجل فلسطيني يمشي بين الدمار في شارع في غزة (مصدر: بآم ميديا/ماب)

Stay updated – join our mailing list

Sign up for our newsletter to receive all the latest updates from our programmes, campaigns and fundraising appeals.

* indicates required
Your Interests