18 March 2025
تجدد إسرائيل ارتكابها الفظائع في غزة عقب شهرين من التوصل لاتفاق بشأن وقف مؤقت لإطلاق النار، وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن الجيش الإسرائيلي قتل ما لا يقل عن 150 فلسطينياً في غزة منذ 19 يناير من العام الجاري—بمعدل ثلاث وفيات يومياً—وهو ما يثبت أن القتل لم يتوقف البتّة، وبالرغم من ذلك نقضت إسرائيل الاتفاق الهشّ وفعلت ذلك بالطرق الأكثر فتكاً بحياة الفلسطينيين في غزة.
وبالتزامن مع شنِّ غارات جوية مكثّفة في مختلف أنحاء غزة أصدر الجيش الإسرائيلي أوامرَ تهجيرٍ قسريٍ جديدة للمناطق الشرقية مطالباً السكان بالفرار من منازلهم ومآويهم مرة أخرى، كما واصلت إسرائيل حصارها المطبق على غزة ومنعت المساعدات من الوصول لذوي الحاجة لها منذ أكتوبر 2023؛ في شكلٍ من أشكال العقاب الجماعي غير القانوني الذي دخل الآن أسبوعه الثالث وانطوى على منع دخول المواد الأساسية مثل الغذاء والماء والإمدادات الطبية ويعرّضُ الناس لخطر المجاعة.
وفي تبيانها لفظائع تجدد هجوم اسرائيل على غزة قالت فكر شلتوت—مديرة ماب في غزة—أن الفلسطينيين في غزة "استطاعوا ولفترة وجيزة التنفس وتلقّي العزاء والعودة لما تبقّى من منازلهم؛ أما الآن فهم يُجبرون على خوض الرعب من جديد فحجم القتل والتدمير بين الليلة وضحاها يفوق الفهم والمستشفيات مكتظّة والإمدادات الطبية تنفذ بسرعة والناس ينزحون مرة أخرى دون إدراك وجهتهم التالية. يجب على العالم ألّا يقف صامتاً بينما تعيد إسرائيل ارتكاب الفظائع بحق الفلسطينين."
كما وصفت د. تانيا حاج-حسن—وهي طبيبة متطوعة في فريق الطوارئ الطبية التابع لماب في مستشفى ناصر—الوضع بالجنون، وأضافت: "لقد استيقظنا مذعورين بسبب القصف المتواصل والذي هزّ النوافذ وفتك الأبواب المغلقة وتبعه خلال عشر دقائق صوت سيارات الإسعاف وأخذ المصابون بالوفود للمستشفى منذ ذلك الحين. أنا أعمل في وحدة العناية المركزة للأطفال وهي ليست مكاناً معتاداً للتعامل مع حالات الصدمة إلا أنها تضمُّ الآن حالات كثيرة جداً كذلك حتى أن جميع الأسرّة فيها باتت مشغولة."
وتابعت د. تانيا بقولها: "هناك الكثير من الإصابات وكنتُ شخصياً قد عالجتُ أربعة أو خمسة مرضى على الأقل ممن للأسف تُوفوا في قسم الطوارئ، كما أنني سمعتُ أنه خلال الساعات الأولى نُقل ما لا يقل عن 76 جثة مباشرةً إلى المشرحة حتى أنهم لم يتمكّنوا من عبور باب غرفة الطوارئ والتي كانت تفيض بالمرضى المنتشرين في كل مكان على الأرض. كان هناك ربما ثلاثة رجال أما البقية فكانوا من الأطفال والنساء وكبار السن وجميعهم كانوا غارقين في النوم وملفوفين بالبطانيات. من الصعب جداً وصف هذا المستوى من الرعب والشر ويكأنه نهاية العالم."
قتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 48,577 فلسطينياً وأصابت 112,041 آخرين منذ بداية الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة قبل أكثر من 17 شهراً، ولم تكتفِ بذلك بل قامت بنقض اتفاق وقف اطلاق النار وتجديد هجماتها واسعة النطاق على بيوت المدنيين مرتكزة في ذلك على الحصانة المزمنة التي تتمتع بها. يجب إدانة هذه الفظائع بشكل فوري وعاجل.
ماب تطالب المجتمع الدولي، بما فيه حكومة المملكة المتحدة، بفرض وقف اطلاق نار فوري ودائم، وإيقاف جميع عمليات نقل الأسلحة لإسرائيل، وتنفيذ مساءلة وافية بشأن انتهاكات القانون الدولي الإنساني؛ كما يجب على حكومة المملكة المتحدة التوقف عن ضلوعها في الفظائع التي ترتكبها إسرائيل.
يواصل طاقم ماب في غزة التزامه بتقديم العون الطبي—بما توفّر له—لانقاذ حياة المرضى والمصابين، بما في ذلك عبر عشر نقاط طبية في مختلف أنحاء غزة يقوم الطاقم بتشغيلها بالشراكة مع مؤسسات محلية ودولية من أجل توفير وتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية للفلسطينيين.