13 April 2025
يمثل الهجوم الواقعة الأحدث ضمن انتهاج الجيش الإسرائيلي تدمير منظومة الرعاية الصحية في غزة والبنية التحتية الأخرى الضرورية لحياة الفلسطينيين، وهو نهج واضح ضمن سياسة "الإبادة" التي خلصت إلى تمثلها لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة. يلحق الهجوم سجل الجيش الإسرائيلي في إلحاق الضرر بـ33 مستشفى من أصل 36 في غزة منذ أكتوبر 2023 وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، كما يأتي الهجوم على المستشفى الأهلي ضمن سياق الحصانة الكاملة والمستمرة التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي حتى في حالة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي؛ وهو ما يوجب إجراء تحقيقات شاملة وسريعة ومستقلة في الانتهاكات الخطيرة الواضحة للقانون الدولي الإنساني وتقديم مرتكبيها للمحاسبة الوافية.
أبلغ الجيش الإسرائيلي طاقم المستشفى بضرورة إخلاءه خلال 20 دقيقة في فجر الأحد الموافق 13 أبريل 2025 حيث أُجبر أفراد الطاقم والمرضى—بمن فيهم العديد من ذوي الحالات الحرجة—على المغادرة خلال لحظات؛ إلا أنهم بقوا في الشوارع بالقرب من المستشفى لأنه لم يكن لديهم أي مكان آخر يذهبوا له. استهدفت بعدها القوات الإسرائيلية قسم الطوارئ في المستشفى وتسببت في تدميره بشكل شبه كامل وألحقت ضرراً جسيماً بقسم الاستقبال والمختبر والصيدلية ووحدة العلاج الطبيعي.
وفي حديثه مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) قال د. اسماعيل القدرة والذي كان موجوداً في المستشفى حين الهجوم:
"عند حوالي الثانية صباحاً من ليلة أمس تلقى بعض المرضى مكالمات هاتفية من الجيش الإسرائيلي تأمرهم بإخلاء المستشفى بشكل فوري، وأفزعني حينها الصوت المدوي لصاروخين استهدفا المستشفى. هرعنا للخروج من المستشفى ورأينا دمار قسميّ الطوارئ والاستقبال، كما تم تدمير مبنى المختبر وما فيه من معدات ومواد بلغت قيمتها أكثر من 3 مليون دولار، كما خسر المستشفى جهازه الوحيد الخاص بالفحص عبر الأشعة السينية."
وفي إضافته قال د. تيسير الطنة—طبيب الأوعية الدموية في المستشفى:
"أُبلغنا بضرورة إخلاء المكان وتمكن الطاقم من نقل المرضى إلى مناطق أبعد قليلاً عن الانفجار، ولكن المستشفى بات على وشك الخروج من الخدمة اليوم. لسنا متأكدين من قدرتنا على استئناف العمليات في الساعات أو الأيام المقبلة ومن الصعب جداً أن نواصل عملنا في الوقت الحالي."
وأكد د. يوسف الحداد—المختص في العلاج الطبيعي في المستشفى—أنه والطاقم في حالة صدمة كاملة، وأضاف:
"تحيط بي أكوام من الأنقاض والدمار بينما أتحدث معكم. لقد كان المختبر آخر واحد في غزة وكان يقدم عدداً متنوعاً من الفحوصات غير المتواجدة في أي مستشفى آخر ولكننا خسرناه الآن. كانت مستشفى الشفاء والمستشفى الأهلي يتشاركان خدمات الاستقبال والطوارئ وكان للمستشفى الأهلي دور القيادة لامتلاكنا الجهاز الوحيد الخاص بالتصوير المقطعي؛ ولكن عقب الهجوم ليلة أمس فإن هذه الخدمات توقفت بالكامل، وهذا بلا شك سيزيد الضغط على مستشفى الشفاء والذي يعمل بقدرة أصغر هو الآخر."
يشكل الهجوم المرة الخامسة من استهداف المستشفى الأهلي منذ أكتوبر 2023 ويجب أن يكون الأخير.
أقدم الجيش الإسرائيلي بتاريخ 23 مارس 2025 على قتل ثمانية من المسعفين والمستجيبين الأوائل التابعين لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، وهو ما يبرهن بشكل أوضح النهج الثابت الذي تتبعه القوات الإسرائيلية في استهداف الطواقم والمرافق الطبية. كما تفيد وزارة الصحة بأن الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 1,300 عامل في مجال الصحة، وتشير منظمة الصحة العالمية إلى وقوع 670 هجوماً على قطاع الصحة في غزة أثرت على عمل 122 مرفق طبي و170 سيارة إسعاف وذلك في الفترة ما بين أكتوبر 2023 و14 مارس 2025. تجدر الإشارة إلى نصِّ القانون الدولي على حماية المستشفيات والطواقم الطبية والمدنيون، كما ينصُّ القانون الدولي على أن استهدافها قد يشكل جرائم حرب.
تطالب ماب المجتمع الدولي بأخذ إجراءات عاجلة لحماية المستشفيات والطواقم الطبية في غزة، وتؤكد على وجوب وقف إطلاق النار بشكل فوري ودائم، وإيقاف جميع عمليات نقل الأسلحة لإسرائيل، وتحقيق المساءلة الكاملة بشأن الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي—بما فيها تلك التي تخللها استهداف للمستشفيات. كما يجب ضمان التزام إسرائيل بواجبها القانوني في إصلاح الضرر الذي ألحقته بالبنية التحتية الخاصة بقطاع الصحة في غزة، بما في ذلك عبر الامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية الخاصة بمنح الوصول الإنساني غير المقيد.
يجب على حكومة المملكة المتحدة والدول الأخرى الكفُّ عن أي وجه من أوجه الاضطلاع في الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي وضمان عدم تحالفها مع مرتكبي الفظائع؛ مع التوكيد على أن أي إجراءات دون تلك ستمكن استمرار حصانة إسرائيل وتدهور الأوضاع الضرورية لحياة ونجاة الفلسطينيين في غزة.