واقعٌ أفضل لعناية الثدي في الضفة الغربية بفضل العيادة الجديدة التي أطلقتها ماب

بالتزامن مع شهر التوعية بسرطان الثدي، تعلن جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) عن إفتتاحها الرسمي لعيادة جديدة مختصة في عناية الثدي في مستشفى رفيديا في نابلس في الضفة الغربية المحتلة، وهي العيادة الأولى التي تقدم خدمات متكاملة لتشخيص ومتابعة مريضات سرطان الثدي في شمال الضفة الغربية.

قامت ماب بتجديد العيادة وتجهيزها بأحدث المعدات الطبية لخدمة الفلسطينيات، حيث قدمت خدماتها لأكثر من 200 فلسطينية منذ شروعها بالعمل في مايو من العام الجاري. تعمل شفا بشارات ممرضة في العيادة وتصف أثرها بقولها: "هناك تطورٌ في خدماتنا لرعاية الثدي."

"قبل إفتتاح هذه العيادة كانت الخدمات متناثرة في أماكن مختلفة. كانت تُضطر المرأة للذهاب لمكان معين لتلقي التشخيص بالموجات فوق الصوتية ثم إلى مكان آخر للماموجرام ثم إلى مكان آخر لإجراء الخزعة. كان خوض ذلك أمراً بالغ الصعوبة بالنسبة للنساء؛ أما الآن فجميع الخدمات متوفرة في محطة واحدة وهذا يجعل الأمر أكثر سهولة على النساء. الإجراءات واضحة والنساء القادمات للعيادة يشعرن بالراحة".

يعدُّ سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان إنتشاراً بين الفلسطينيات في الضفة الغربية حيث يشكل 29% من كافة أمراض السرطان التي يتم تشخيصها، وتزداد حدة أثره في ظل ما يعانيه الفلسطينيون—مرضى وطواقم طبية—من قيود إسرائيلية على حرية حركتهم ونقص في الأدوية الأساسية وتقسيم لمنظومة الرعاية الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث تحرم هذه الظروف الفلسطينيات من حقهن في تلقي العلاج والرعاية لسرطان الثدي.

"تشعر النساء بكرامتهن حين تلقيهنّ العلاج هنا"

تم تشخيص يافا*، 52 عاماً، بسرطان الثدي في عام 2019م، وبسبب تجزءة خدمات رعاية الثدي في الضفة الغربية احتاجت للوصول لمراكز مختلفة لتلقي خدمات التشخيص والعلاج وهو ما اقتضى سفرها لمسافات طويلة وعبورها للحواجز الإسرائيلية.

تصف يافا إحدى تجاربها في تلقي العلاج قبل افتتاح العيادة الجديدة: "توجب عليَّ تلقي المتابعة الطبية في مستشفى رفيديا وتلقي تشخيص بالموجات فوق الصوتية في مستشفى النجاح وعمل الماموجرام في عيادة خاصة وعمل تصوير بالرنين المغناطيسي أو تصوير مقطعي محوسب في مستشفى جنين. كانت رحلتي لـ]مراكز[ التشخيص طويلة جداً. لم تكن جميع الأجهزة متوفرة في مركز طبي واحد. كان التنقل من مركز طبي لآخر أمراً مرهقاً للغاية."

عانت يافا من آلام ثدي جديدة في آغسطس 2019م وتلقت حينها تشخيصاً بالخزعة وبالأشعة السينية وأخبرها الطبيب وقتها أن وفداً بريطانياً من جراحي سرطان الثدي كانوا في طريقهم لفلسطين—بدعم من ماب—وأنهم سيراجعون حالتها؛ وقد أيّد الوفدُ نتائج التشخيص الذي قام به طبيب يافا وأكدوا وجود ورم خبيث.

تصف يافا ذلك الموقف بقولها: "كانت المرّة الأولى التي أبكي فيها على الهاتف أثناء حديثي مع زوجي حين علمت الخبر. بالرغم من رحلتي الشاقّة مع عمليات الجراحة سابقاً إلا أن الأمر الآن أصبح سرطاناً شرساً وحقيقياً."

قام وفد الجراحين ونظراءهم الفلسطينيون بإجراء عمليتي جراحة ليافا منذ ذلك التشخيص وتخلصوا من الأورام الخبيثة لديها، وتبع ذلك تحويلها لتلقي العلاج الإشعاعي في مستشفى المطلع في القدس الشرقية المحتلة—وهو المكان الوحيد في الأرض الفلسطينية المحتلة الذي يتوفر فيه هذا العلاج.

تفرض إسرائيل سياسات تميّز فيها ضد الفلسطينيين فتفرض على يافا—التي تحمل هوية فلسطينية خضراء—الحاجة للحصول على تصريح من السلطات الإسرائيلية لعبور الجدار الفاصل والوصول إلى مراكز الخدمات الصحية في القدس الشرقية، وقد حصلت يافا أخيراً على ذلك التصريح في ديسمبر—بعد أربع شهور من تقدمها بطلبه في آغسطس—ولكن طبيبها كان قد أخبرها أنها لم تعد بحاجة للعلاج الإشعاعي لأن عمليتها الجراحية الثانية نجحت في القضاء على الخلايا السرطانية. تعقّب يافا على ذلك بقولها: "لقد شعرت بالراحة الكبيرة فأنا لم أعد بحاجةٍ لخوض الرحلة للقدس الشرقية أو التقدم بطلب تصريح ]إسرائيلي[ لكل واحدة من زياراتي الطبية في مستشفى ]المطلع[."

يتوجب الآن على يافا تلقي حبوب العلاج الكيميائي والتشخيص بالموجات فوق الصوتية كل ثلاث شهور والتصوير الشعاعي للثدي (ماموجرام) كل عام. تشارك يافا بهجتها بالوحدة الجديدة بقولها: "مع وجود وحدة الثدي الجديدة في مستشفى رفيديا يمكنني تلقي ]خدمات[ التشخيص بالموجات فوق الصوتية وبالماموجرام والعمليات الجراحية والإستشارات والمتابعة في وحدة واحدة في مكان واحد وفي وقت واحد! لا مزيد من الرحلات بين المدن والمراكز الطبية. لا يمكنكم تصور كم سهَّلت هذه ]الوحدة[ من حياتنا."

واجهت يافا في رحلة علاجها أثراً نفسياً مكافئاً للألم الجسدي حيث تصف ذلك بقولها: "لم أتلقَ أبداً أي دعمٍ لصحتي وسلامتي النفسية؛ لقد تعلمت كيف أبكي لوحدي وكيف أداري مشاعري عن الآخرين. لم أفكر حتى في الحديث مع غير النساء اللواتي كُنَّ يخضن ذات الرحلة. كنتُ ألتقي بهنَّ بعد عملية جراحية أو خلال إنتظارنا في الطابور لتلقي الماموجرام. لقد أصبحن صديقاتي ومجموعة دعمٍ لي. رؤية أولئك الذين يشاركونك ألمك تهوِّن عليك تحمّله."

"رسالتي للنساء هي أن صحتكن النفسية تُشكِّل ثُلثي علاجكم. حافظن على أملكن ولا تدعن الخوف يتملك أفكاركن. أنا قررت مواجهة هذا بمفردي لأني لن أُضطر لمواجهة مشاعر الناس حوله أيضاً ولكن زوجي كان داعماً لي وأنا محظوظة."

تستمر يافا الآن في تلقي الدعم الطبي والنفسي من شفا وهي الممرضة العاملة في الوحدة الجديدة التي افتتحتها ماب، وتصف يافا شفا على أنها أختٌ للمقبلات على الوحدة.

تشير شفا إلى أهمية العناية بسلامة المريضات: "أهم إختلاف هو الشعور الذي يتملّك النساء حين دخولهن العيادة فهي حديثة ومشرقة وتختلف كثيراً عن أجنحة الجراحة في الجزء القديم من مستشفى ]رفيديا[ الذي كنا نخدم فيه المرضى. تشعر النساء بكرامتهن حين تلقيهنّ العلاج هنا. أودُّ شكر ماب وكل داعميها على جهدهم في تجهيز هذه العيادة".

* تم تغيير الإسم لحماية الخصوصية

Stay updated – join our mailing list

Sign up for our newsletter to receive all the latest updates from our programmes, campaigns and fundraising appeals.

* indicates required
Your Interests