8 March 2025
فاقمت الحملات العسكرية الإسرائيلية المتكررة من آثار الحصار والإغلاق الخانقين وغير القانونين، فحتى قبل أكتوبر 2023 تسببت هذه الحملات والقيود في تقويض منظومة الرعاية الصحية في غزة وتقليص قدرتها على تقديم الخدمات الكافية للسكّان؛ وهو ما انبثق عنه نقص مزمن في المعدات والامدادات الطبية وخاصة تلك اللازمة لرعاية الأمومة وتنظيم الانجاب وخدمات الرعاية الطارئة.
تمخّض عن هذا الوضع تقويضٌ مزمن لحقوق الفلسطينيين في الصحة الجنسية والانجابية، وهو ما زاد سوءً منذ أكتوبر 2023 بفعل الهجوم العسكري الإسرائيلي، حيث تفيد سماهر سعيد—مسؤولة تعميم الحماية في ماب—بأن "كل امرأة في غزة أُجبرت على كونها قويّة إلا أنَّه في حقيقة الأمر لم تسلم أيُّ واحدة منّا من معاناة هذه الحرب."
تعرضت المستشفيات والبنية التحتية الصحية لهجمات مباشرة بينما شددت السلطات الإسرائيلية من الحصار الذي يقيّد دخول الامدادات الطبية الأساسية؛ وقد أدى ذلك لتفكيك منظومة الرعاية الصحية في غزة بشكل ممنهج وبما ترك الآلاف دون وصول لخدمات الصحة أو النظافة أو الرعاية الطبية. وقد وجدت لجنة تحقيقٍ أممية مستقلة أن الهجمات على المرافق الصحية تسببت في مقتل مدنيين بمن فيهم أطفال ونساء حوامل معتبرةً أن هذه الأعمال انطوت على انتهاك لحقّهم في الحياة، كما خلصت اللجنة إلى أن هذه الانتهاكات تشكّل الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الابادة.
وفي وصفها المعاناةَ التي تواجهها النساءُ والفتياتُ خلال الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة قالت الدكتورة أفنان انشاصي—وهي طبيبة عامّة تعمل مع جمعية الثقافة والفكر الحر الشريكة لماب—أن النساء: "حُرمت من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الأساسية طوال الحرب، كما أنهنَّ اختبرن ظروفاً غير إنسانية تخللها نقصُ النظافة والحرمانُ من الخصوصية وقلةُ أو انعدامُ الوصول للرعاية الطبية؛ فحتى الاحتياجات الأساسية مثل مستلزمات الدورة الشهرية غير متوفرة."
انهيار خدمات رعاية الأمومة والصحة الانجابية
قامت إسرائيل بتفكيك نظام الرعاية الصحية في غزة بشكل ممنهج مما أجبر العديد من النساء على الولادة في ظروف غير آمنة ودون مساعدة طبية أو الوصول إلى مواد التعقيم، كما أن تدمير مراكز الرعاية الصحية الأولية ومرافق صحة الأم والطفل منع النساء الحوامل من الحصول على الرعاية الضرورية قبل الولادة والتي تمثّل أساساً لبقائهنّ على قيد الحياة، حيث
أوضحت د. أفنان أن: " النقاط الطبية داخل ملاجئ النازحين مؤقتة وتعاني من نقصٍ حادٍّ في الموارد بالإضافة إلى أن الخصوصية باتت ترفًا لا يمكن تحصيله بسبب الافتقار حتى إلى المواد الأساسية لفصل المساحات عن بعضها البعض."
أُجبرت إحدى الأمهات الشابّات التي لم تتمكن من الحصول على المساعدة الطبية بسبب انقطاع الاتصالات على الولادة في ممرِ مدرسةٍ كانت قد تحولت لملجئ وساعدتها خلال الولادة نساءٌ نازحاتٌ أخريات. في حديثها عن الحالة أشارت سماهر إلى أن "الأمُّ بقيت في المدرسة مع مولودها الجديد حتى مجيء الصباح ونقلها للمستشفى على عربة حمار في رحلة تخللها برد الشتاء القارس."
ومن بين الحالات الأكثر قسوةً التي واجهها طاقم ماب كانت لامرأة تم تشخيصها بسرطان الثدي بعد فترة وجيزة من الولادة. كانت الأمُّ تكافح من أجل الحصول على علاج لحالتها ومن أجل تأمين المستلزمات الأساسية لمولودها الجديد—بما في ذلك الحليب الصناعي الذي أصبح باهظ الثمن في ظل الحصار. قدمت ماب خدمات الحماية للأم وأحالتها لمؤسسة متخصصة في رعاية الأطفال.
أما النظافة الشهرية فهي قضية أخرى بالغة الأهمية، حيث قدّر صندوق الأمم المتحدة للسكان في ابريل 2024 أن أكثر من 690,000 امرأة وفتاة في سن الحيض يعانين من نقصٍ حادٍ في منتجات النظافة الصحية ويفتقرن إلى الوصول إلى مرافق نظيفة وخاصة، وهو ما دفع بالنساء والفتيات لاتباع أسالب تكيّف شديدة مثل استخدام الاسفنج والأقمشة المصنوعة بشكل عفوي كفوط صحية في ظل نقص مستلزمات الدورة الشهرية؛ وهو ما زاد مخاطر الإصابة بالعدوى بسبب الاكتظاظ في المآوي وعدم كفاية مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة، كما زاد من مخاطر الحماية المحتملة خلال بحث النساء عن الماء والخصوصية والكرامة.
لا يمكن لأي دولة أن تدّعي أنها تدعم حقوق المرأة بينما تضطلع في تدمير حياة المرأة الفلسطينية؛ ولذلك وجب على المجتمع الدولي—بما فيه المملكة المتحدة—أن يجتاز الخطابات الرنّانة ويتخذ إجراءات حقيقية وجادّة لإنهاء الحصانة وضمان الإعمال الكامل لحقوق المرأة الفلسطينية في الصحة الجنسية والإنجابية.
استجابة ماب ودوركم فيها:
تعمل ماب مع شركائها لتقديم الدعم الضروري للنساء في غزة، ويشمل ذلك تقديم:
نرجو فضلك في التبرع بمناسبة اليوم الدولي للمرأة للمساهمة في توفير الرعاية الصحية الأساسية للنساء في غزة. ستساعدنا مساهماتكم في الوصول لعدد أكبر من النساء الفلسطينيات مع خدمات الرعاية الطبية والنفسية وحقائب النظافة والكرامة.
يمكنكم التبرع هنا لدعم النساء الفلسطينيات والتعبير عن تضامنكم معهن