تعرض 700,000 فلسطيني بين عامي 1947-8م للتهجير من بيوتهم على أيدي الميليشيات خلال تأسيس دولة إسرائيل أو قاموا بالفرار حرصاً على حياتهم، وتم تدمير مئات القرى والمدن الفلسطينية وتفريغها من سكانها. تُعرف هذه المأساة بين الفلسطينيين بالـ"نكبة" وقد تسببت في عقود من التهجير والصراع والاضطهاد.
لازالت النكبة واقعاً يومياً مستمراً بالنسبة لأسر الفلسطينيين اللاجئين منذ أكثر من 73 عاماً حيث يعيش العديد منهم في مخيمات في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي دول مجاورة كلبنان.
أقدمت إسرائيل في حرب حزيران من عام 1967م على إحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى ضمِّ القدس الشرقية، وتستمر في هذا الإحتلال لأكثر من 54 عاماً تأثرت خلالها كافة مناحِ الحياة اليومية للفلسطينيين، حيث تفرض إسرائيل قيوداً على حرية الحركة والتنقل وتهديداتٍ بهدم البيوت وتقويض سبل المعيشة في ظل نظام سيطرة عنصري، بالإضافة إلى الحصار المُطبق الذي تفرضه على الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 14 عاماً والهجمات العسكرية المتكررة عليه وواقع العقاب الجماعي المتمخض عن هذه السياسات.
يعاني اللاجئون وسواهم من الفلسطينيين في هذا السياق، سواءً في الأرض الفلسطينية المحتلة أو في مخيمات الشتات، من نقص وصولهم لنظام رعاية صحية فعّال ومتاح بالرغم من جوهرية هاتين الميزتين في أي نظام رعاية صحية، وتكرّس من هذه المعاناة الظروفُ المتمخضة عن الإحتلال والتهجير والقيود المفروضة على ممارسة الفلسطينيين لحقوقهم المدنية والسياسية.
تعمل ماب في الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
تمارس ماب دورها في المناصرة وتنظيم الحملات في المملكة المتحدة وحول العالم بهدف إيصال صوت الفلسطينيين إلى أعلى المستويات وإزالة القيود المفروضة على تمتعهم بحقوقهم في الصحة والكرامة سواءً في الأرض الفلسطينية المحتلة أو في أماكن لجوءهم.
يشكّل الإحتلال الإسرائيلي العسكري المستمر لأكثر من نصف قرن عائقاً جسيماً أمام وفرة وجودة وإمكانية الوصول لخدمات الرعاية الصحية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة. توضح القيود المفروضة على حركة الفلسطينيين مدى أثر الإحتلال على واقع الرعاية الصحية فنقاط التفتيش والحواجز العسكرية وجدار الفصل ومنظومة تصاريح العبور بالإضافة إلى الإغلاق والحصار في غزة جميعها تعيق من قدرة الفلسطينيين على الحصول على الرعاية الطبية التي يحتاجونها، كما أن القيود على الحركة تمتد في أثرها لتحدَّ من قدرة الطواقم الطبية على التنقل للإلتحاق بفرص التدريب وتطوير مهاراتهم بجانب منع دخول بعض المعدات الطبية الأساسية التي تعتبر اسرائيل أن من شأنها تهديد أمنها.
تنطوي الحياة تحت الاحتلال على مخاطر مباشرة لصحة وحياة 4.8 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتشمل هذه المخاطر التعرض لعنف المستوطنين والقتل أو الإصابة خلال المظاهرات والهدم المتكرر للبيوت والبنى التحتية، وهو الوضع الذي يهدد باستنفاذ قدرة مجتمعات الفلسطينيين على الصمود خاصةً في ظل الاحتلال وانعدام الأمن المستمرين.
حددت الأمم المتحدة في عام 2021م عدداً يفوق مجموعه 1.45 مليون من الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة ممن يحتاجون عوناً صحياً إنسانياً—ثُلثٌ منهم في الضفة الغربية والثلثان الآخران في قطاع غزة.
تقع على إسرائيل، كونها القوة القائمة بالاحتلال، مسؤولية ضمان وصول الفلسطينيين للرعاية الصحية؛ إلا أن نظام الرعاية الصحية الفلسطيني وبعد 54 عاماً من الاحتلال لازال مفتقراً للموارد المالية ومعتمداً على المساعدات كما أنه يعاني من التقسيم والتجزءة بفعل السياسات الإسرائيلية في فصل القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة عن بعضها البعض، وهو ما يحول دون قدرة الفلسطينيين على تأسيس نظام رعاية صحية موحد وفعّال.
يعمل فريق ماب على تطوير خدمات رعاية صحية مستدامة تقوم على تقديمها كوادر فلسطينية من أجل تلبية الاحتياجات الصحية السابق ذكرها، وتستطيع ماب عبر برامجها في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة أن تعمل بشكل فعّال في الأرض الفلسطينية المحتلة وبالرغم من القيود المفروضة على حرية الحركة والوصول.
تهدف ماب من خلال شراكتها مع مقدّمي الصحة المحليين إلى ضمان وصولٍ عادلٍ لخدمات الصحة الأساسية للفلسطينيين وخاصةً المهمشين منهم مثل الأطفال والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة أو ذوي التحديات النفسية.
لجأ حوالي 100,000 من الفلسطينيين الذين هُجّروا من بيوتهم أو فرّوا منها خلال النكبة إلى لبنان وينحدر أغلبهم من الجليل ومن المدن الساحلية مثل يافا وحيفا وعكا وقد استقروا في مخيمات لجوء سريعاً ما اعترفت بها الأمم المتحدة وقامت بتنظيمها. لم يحصل هؤلاء اللاجئون الفلسطينيون منذ حينها على الجنسية اللبنانية وينطوي افتقادهم للجنسية على حرمانهم من الحصول على دعم الدولة ويفرض عليهم الاعتماد على خدمات الإغاثة التي توفرها الأنروا منذ شروعها بالعمل في عام 1950م.
اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975م واستمرت لـ15 عاماً أدت فيها لعواقب وخيمة على حياة الفلسطينيين وغيرهم. تبعت هذه الحرب الأهلية حرب إسرائيلية على لبنان في عام 1982م ثم مجزرة صبرا وشاتيلا في سبتمبر من نفس العام—والتي تأسست ماب استجابةً لتداعياتها على اللاجئين الفلسطينيين. تعرض الفلسطينيون للتهميش أكثر من أي وقت مضى بعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990م وأدى التمييز ضدهم في لبنان ولجوءهم المطوّل خارج وطنهم إلى مفاقمة ظروف حياتهم الهشّة.
يُحرم اليوم ما يقارب 270,000 لاجئ فلسطيني في لبنان من العمل فيما يزيد عن 30 مهنة ومن التملك ومن الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية، وذلك في وقت تترك فيه ظروف الحياة في المخيمات آثاراً وخيمة على الصحة الجسدية والنفسية لسكانها دون أن يكون وصولهم لخدمات الرعاية الصحية كافياً.
يتسبب غياب الحقوق المدنية الأساسية في خلق ظروف إنسانية قاسية يواجهها الفلسطينيون في لبنان والتي تتمثل، دون أن تنحصر، في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بينهم واعتمادهم على خدمات الأنروا وتأثرهم الشديد بقصور تمويل خدماتها.
تستجيب ماب للحاجات الآنية للاجئين بينما تسعى لتحقيق تنمية مستدامة وطويلة الأمد في خدمات الصحة التي يستطيع الفلسطينيون الحصول عليها وذلك بالإستناد على موارد المجتمع الفلسطيني وابتداءً من منظماته المدنية.
تؤكد ماب أن انتهاكات القانون الدولي وأن المواقف السياسية تشكل معيقاتٍ أساسية أمام تمتع الفلسطينيين بحقوقهم في الصحة والكرامة، وهي تقوم بأنشطة المناصرة والحملات في المملكة المتحدة وحول العالم من أجل إزالة هذه المعيقات.
كما تعمل ماب مع شركاء محليين ودوليين من أجل إيصال صوت الفلسطينيين، وتدلي بشهادتها على أوجه الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون بشكل يومي، وتناصر السياسات المبنية على حقوق الإنسان والتي في ذلك تُتيح للفلسطينيين سواءً في الأرض الفلسطينية المحتلة أو اللاجئين منهم تمتعهم بالصحة والرفاه.
تمارس ماب أنشطة مناصرتها عبر طرحها للقضايا المثيرة للقلق مع الحكومة البريطانية وأحزاب المعارضة البريطانية وصانعي سياسات دوليين آخرين. تتعاون ماب على سبيل المثال مع مجلس التفاهم العربي-البريطاني (كابو) لدعم وفود من البرلمانيين البريطانيين في زيارتهم للأرض الفلسطينية المحتلة لمعاينة أوضاع الفلسطينيين هناك بأنفسهم، وقام العديد منهم حين عودتهم للمملكة بمشاركة ما شاهدوه وطالبوا الحكومة البريطانية بالتصرف لإنهاء السياسات المنطوية على ضرر لصحة وكرامة الفلسطينيين.
تتعامل ماب بشكل دوري مع هيئات وآليات الأمم المتحدة وذلك لدعم المؤسسات والمجتمعات الشريكة لها في إيصال صوت الفلسطينيين لأعلى المستويات، كما تُصدر ماب—غالباً بالتعاون مع منظمات إغاثية دولية أخرى وشركاء محليين—تقاريراً دقيقة وتحليلات للسياسات تهدف عبرها لمواجهة الممارسات والسياسات التي تؤثر على صحة الفلسطينيين.